يعيش الإعلام الآن، في عصر ما يسمى بـ Convergence، ويعني هذا المصطلح استخدام نقاط القوة لوسائل الإعلام المختلفة، للوصول إلى جمهور أوسع، وعرض الأخبار بطرق جديدة، فهو تنسيق بين وسائل الإعلام المختلفة من مطبوعات، وإعلام مرئي، ومسموع، وإلكتروني، وهو عصر إعلامي تكاملي، يحفز على التجديد، وليس إلغاء وسيلة للأخرى، كما يتطلب من الإعلاميين تطوير مهاراتهم.
وقد نظم مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، ندوة بعنوان: «دور منصات الإعلام ين الواقع والمأمول»، بتاريخ 21 أكتوبر، واختمت الندوة بفكرة أن الإعلام الجديد لن ينهي الإعلام التقليدي، ولا بد من التكامل والتفاعل، وقد أكد على ذلك، ما طرحه الأستاذ حمد الكعبي، رئيس تحرير صحيفة الاتحاد، مشيراً إلى أن انتشار الصحافة الرقمية لن يؤدي إلى اختفاء صناعة الصحافة الورقية، وأوصى الكعبي بضرورة تكامل الإعلام الرقمي والورقي، فالمطبوع يتجه إلى التحليل والتفسير والمواد المتخصصة، والرقمي إلى الخبر والنقل المباشر، فعلى الصحف الورقية إعادة اختراع نفسها في أنماط الطرح والإخراج والتعامل مع الصور والألوان.
إضافة إلى ذلك، لن يؤدي انتشار صحافة المواطن أو الهواة إلى اختفاء صناعة الصحافة، فالبرغم من سرعة نقل الأخبار من قبل الصحفيين الهواة، من خلال استخدام الهواتف الذكية، ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن كثيراً من هذه الأخبار غير دقيقة، وبعضها مزيف، هذا ما جعل الكثير من الصحف إضافة مهنة جديدة، تسمى بالمدقق أو المصحح، لتقييم دقة المعلومات، خاصة عندما يكون مصدرها الإعلام الجديد.
ومع ذلك، يمكن الإعلام الجديد أن يكون مفيداً لمحتوى الإعلام التقليدي، لو تم توظيفه بشكل جيد، فمثلاً، بعد أن كان الصحفيون المهنيون هم الذين يحددون الأخبار التي تصل إلى الجمهور، اليوم أصبح لهذا الجمهور صوت، من خلال الإعلام الرقمي التفاعلي، فقد كانت الصحافة عبارة عن منتج محترف، يبث وجهة النظر من الأعلى إلى الأسفل، أما الآن عرفت آراء القاعدة الشعبية، وأحياناً هذه القاعدة هي التي تحرك الصحافة.
لكن لا شك أن الصحافة الرقمية قد أثرت على إيرادات الصحف الورقية، بسبب هجرة شركات الإعلان إلى الصحف الرقمية، لأن الإعلانات هناك أرخص مقارنةً بالصحافة الورقية، ولحل هذه الأزمة، وجد خبراء الاقتصاد الإعلامي أن أفضل استراتيجية اقتصادية خاصة للصحف الكبيرة، التي لديها نسخ مطبوعة وإلكترونية، أن تركز على ما يسمى «economy of scale» أو اقتصاد الحجم، أي أن الصحيفة التي لديها نسخ مطبوعة وإلكترونية، يمكنها تغطية عجز إيرادات الصحيفة الورقية بالتركيز على أرباح النسخة الإلكترونية.
لذلك، على الصحف أن تركز على تنوع الخدمات، وخاصة للقسم الإلكتروني، فمثلاً بعدما أطلقت صحيفة «نيويورك تايمز» تطبيق الموبايل في عام 2006، ارتفع عدد القراء من 500000 في عام 2007 إلى 85 مليون في عام 2010، كذلك نوعت نموذج مراسم اشتراكها الإلكتروني، بناء على نوع الأجهزة، فمثلاً الاشتراك بالهواتف الذكية بـ 3.75 دولار في الأسبوع، أما الاشتراك بالحاسوب المحمول بـ 5 دولارات في الأسبوع.
كذلك، يحث اقتصاد الحجم على أن تتميز الصحيفة بالمعلومات والخدمات الحصرية، لجذب القراء من كافة الأعمار، فمثلاً «نيويورك تايمز» تحت عمود السفر، بنت محركاً بحثياً يسمح للزائرين بالتخطيط للرحلات، كما وفرت للباحثين عن وظائف في منطقة الشمال الشرقي من الولايات المتحدة محركات بحث خاصة بالصحيفة.
التحدي بين الصحافة الورقية والإلكترونية، يعتمد أيضاً على سرعة وخدمات الإنترنت، فمثلاً الدول العربية متفاوتة، وما زالت دول عربية تعتمد على الصحافة الورقية، بسبب بطء سرعة الإنترنت، فلا يمكن التطرق لهذا الموضوع، كأن العالم كله له نفس الظروف والخدمات.
*باحثة سعودية في الإعلام السياسي